هذا العام تحالف الالتفاف المحلي مع الاعجاب والتقدير العالمي والدولي ، لابراز دور صاحب السمو الشيخ خليفة كرجل دولة بحريني يحمل هوية عالمية ، وزعيم وقائد خليجي مسنود بحيثية دولية . لتصبح هذه السنة ، نقطة شاهقة في سجل عميد النهضة ، ومحطة بازغة في المكانة الحضارية للبحرين ؛ بدأت بالتكريم الفلبيني المرموق الذي حظي به سمو الشيخ بمنحه اعلى وسام فلبيني بتاريخ 4 يناير 2007، واختتمت بمنح سموه جائزة الموئل العالمية ، ثم كان تتويج كل ذلك محليا كالعادة عبر مهرجان الفرح الذي عاشته البحرين احتفالا بعودة سموه من جنيف.
انها القصة المختصرة لشغف خليفة بن سلمان الوطني والفطري بالبحرين ، والقصة المعبرة عن عالمية خليفة بن سلمان التي تكرست محليا على نحو أساسي ، ومكانته الدولية التي قامت اركانها منذ ذلك اليوم الذي تسلم فيه سموه اول مهماته في العمل العام ، فانغمس في البحرين عاشقا ومحبا ، وانهمك فيها خادما لمصالحها ورائدا لمسيرتها ، واعطاها قلبه فمنحته قلبها ، ووهب لها عمره ، فكرسته زعيما عالميا ، وتوجها بين الدول والبلدان في سجلات وتقارير عالمية عديدة ، فبادلته ذلك بتتويجه عميدا لرؤساء حكومات العالم ..
على مشارف الستينيات، كانت البحرين بقيادة الشقيقين : عيسى وخليفة ، تتذوق اعمق نقلة نوعية شاملة وجذرية، تنسحب على مجمل أساليب الحياة، التي بدت أكثر عصرية وحداثة، وأكثر استقرار وأمناً ونماءً. كان سمو الشيخ خليفة، جاء ببرنامج طموح، يكفل للمواطن البحريني حصة مريحة من الحياة العصرية، ويحفظ له بنفس الوقت حصة معقولة من الأصالة والبساطة، والتمسك بعرى الوطنية والعروبة والإسلام. فوجه اهتمامه أولا لرفد موارد البلاد، واجتراح مصادر جديدة للدخل، تتيح له، ابتداءً، تنفيذ برامجه التنموية العديدة، وتضمن للبحرين، تالياً، استمرارية دائمة، على خطى التقدم والحداثة، والاستقلال. باشر سموه برنامجه الاستهلالي برفع سوية التعليم، وتعميمه، وإنهاض مستوى الرعاية الصحية، وإفشاء خدماتها العلاجية والوقائية، على أكبر مساحة ممكنة من المدن والقرى.. إلى جانب التوسع في شبكة الخدمات الأساسية التحتية والبنيوية، لتشمل أكبر قدر ممكن من المواطنين، واكبر مساحة ممكنة من البلاد. إن الهدف الجوهري، لكل هذه البرامج، والسياسات الإنمائية، كما هو واضح، هو نشر سمت الرفاه، والتقدم الاجتماعي. وبقي هذا الهدف ، غاية دائمة وعزيزة واولوية متصاعدة من بين الاولويات الاساسية لمختلف البرامج والسياسات التي كرسها خليفة بن سلمان في البحرين ، فكانت التنمية البشرية موضوع سموه المفضل ، وشغفه الدائم ، فكان التعميد العالمي من نفس نوع الشغف ، وكان تعميدا ثنائيا للدولة ولرجل الدولة : بالنسبة للبحرين ، اصبحت الدولة الاولى عربيا في مقياس التنمية البشرية ، واحتلت موقعها المتقدم هذا ، نحو عقد كامل من السنين . وبالنسبة لسمو الشيخ خليفة ، تم تعميده في العام 2007 ، زعيما عالميا للموئل .
غير ان صاحب السمو الشغوف حتى العشق الصريح ببلده وشعبه ، كان دائما يقرأ نتاج عمله محليا قبل ان يقرأها عالميا ، وكان ينظر لموقعه ودوره من خلال ما يراه منعكسا على اسلوب حياة الناس ومستوى معيشتهم وآفاق تنميتهم ونهضتهم وتعليمهم واقتصادهم .. وكان يرى دائما ان اعظم تكريم له ، ينطلق من فرحة بحرينية على ملامح مواطن مشمول بكافة الخدمات التي توفر له مستوى عاليا من الرفاه . كان من الثابت، أن هذه البرامج والسياسات التي اجترحها خليفة بن سلمان ، أثبتت نجاحها، وحققت الكثير من غاياتها ؛ وأن المواطن البحريني، المتكئ على خمسة آلاف سنة من الحضارة، استطاع باقتدار وكفاءة أن يستوعب سلسلة النقلات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن تلك البرامج والسياسات ، بجدارة ومرونة، وان يتعايش معها، ويشارك فيها، مسرعاً عجلة التنمية والتطوير والبناء. لقد تأكدت نبوءة سمو الشيخ خليفة بن سلمان. بأن الثروة الحقيقية، هي المواطن البحريني، وليس النفط، ومن أجل هذا المواطن، كان سمو الشيخ، يوجه دائما، لتكريس قاعدة اقتصادية منتجة ومتنوعة في البلاد، ويؤكد دائما على تأهيل المواطن البحريني، ليصبح جزءاً رئيسيا فاعلاً من هذه القاعدة.
* * * * * * * * * *
منذ بدايات الستينيات كان سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة يعطي إشارات واضحة عن نوع القائد الذي سيكونه ، من خلال تركيزه على امتلاك البحرين لأدوات ووسائل التنمية ، ومن خلال تأكيده الذي لم يتوقف يوما على توجيه ثمار ومكتسبات التنمية نحو الانسان البحريني ، في كافة شئونه الحيوية ، ثم من خلال تعزيز مؤهلات الانسان البحريني وكفاءاته ليكون مساهما رئيسيا في صناعة النهضة وتنفيذ مقررات وخطط التنمية . وكان سموه يعتبر هذه الثوابت من أغلى الحقوق الوطنية للمواطن والوطن ، بل يرى فيها رديفا استراتيجيا لحق تقرير المصير واتخاذ القرار الوطني باستقلالية وحرية واقتدار وكفاءة .. وهذا تماما ما نجح سمو الشيخ خليفة فيه على نحو باهر . إنه المجال الذي يمكن ان نتلمس فيه اول مفاتيح الشموخ في شخصية ومسيرة خليفة بن سلمان كرجل دولة ملهم وزعيم لعب اكثر الادوار حسما في تنمية بلاده ونهضتها ، وفي توشيح تاريخ وطنه بالمزيد من السمو والكرامة ورفعة الانجازات .
وتاريخيا ، وكما برزت في معالجة هذه القضايا ـ قضايا التنمية والنهضة ـ جوهرية التكامل في العلاقة بين الشقيقين: عيسى وخليفة ، وجذرية النمط المؤسسي لنظام الحكم البحريني باعتباره قائما على عقد اجتماعي تكاملي بين القيادة والشعب ، فان هذا التكامل انتقل بجوهريته فيما بعد الى العلاقة بين ابن الشقيق والعم : جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، وسمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ، فمنذ الايام الاولى لعهد جلالة الملك ، عبر جلالته بوضوح تام عن نوعية الطراز الرفيع من أسلوب الحكم الذي يحمله معه ، وهو أسلوب التمكين والتشاور والمشاركة . أي تمكين المؤسسية البحرينية من اتخاذ القرارات المصيرية المناسبة في اللحظة المناسبة ، والتشاور بين القيادة والشعب في صناعة القرار البحريني ، واتاحة الفرصة امام مؤسسات المجتمع المدني والافراد التمثيليين للمشاركة في التخطيط ، والتنفيذ ، والرقابة ، والافضاء الى قرارات التنمية ومشروعات النهضة . في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة والواعدة من تاريخ المملكة ، كان ما زرعه خليفة بن سلمان جاهزا للقطف والاستثمار ، فشكل الرديف الاقوى والاكثر ناجزية لدعم سياسة جلالة الملك وتنفيذ برنامجه ..
بالنسبة لسمو الشيخ خليفة بن سلمان ، كان الأمر جوهريا أكثر مما قد يدركه الآخرون . فصناعة تنمية الدولة تعني تحديدا افراز قيادات من اهلها وشعبها لتعزيز هذه التنمية ، وهو ما يصب تحديدا في مسار التنمية البشرية بشكلها الاكثر رفعة واقتدارا ؛ وصناعة نهضة المجتمع لا يمكن ان تستقر وتنمو الا بصناعة نهضة الفرد . في غضون ذلك ، كان نمط المتابعة الذي كرسه صاحب السمو واضحا وجليا : لم يكن سموه يحب اعتلاء المنابر، ولكنه كان شغوفا بالتواجد بين أبناء الشعب . وكان هذا الاقتراب الحثيث من الشعب لا يتيح لسموه الاطلاع على حاجاتهم ومشكلاتهم والعمل على تلبية الأولى وحل الثانية فحسب ، بل الإشراف من ارض الواقع على انجازات الحكومة ونتائج مشروعاتها التنموية في البلاد . كان سموه دائما يرى في خدمة الشعب المقياس الابهى والاصدق لتقييم مسيرة القائد . وهو عبر عن ذلك مرتين : الاولى في وصف سموه لصاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه ، عندما قال : " كان يحب أن يرى معالم الرفاه على أبناء شعبه " . ثم استعار سموه نفس العبارة ليصف بها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة : " جلالة الملك يحب ان يرى معالم الرفاه على ابناء شعبه " .. انه المقياس الاكثر عمقا وجلاء في فلسفة رجل الدولة العالمي ، الذي يؤمن ان عالميته تبدأ من انغماسه بالمحلية ، وان حيثيته الدولية تقوم اركانها على انجازاته المحلية .. وان ارفع انواع التكريم التي يحبها قلبه هي ما يطالعه ويلمسه متدفقا وعفويا من ابناء الشعب ..
* * * * * * * * * *
لقد تقدمت البحرين اليوم كثيرا عنها في بدايات عهد سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة . وكثير من هذا التقدم هو نتاج مباشر للسياسات التنفيذية التي انتهجها سمو الشيخ خليفة بن سلمان . فقد أرسى سموه قواعد النمو الاقتصادي غير المتضخم والمعتمد على الذات . وبفضل سياسة الحكومة الانفتاحية ، والتجانس الحميم في قمة القيادة ، قدم هذا البلد الصغير بيئة صالحة للمستثمرين ، فيها عملة ثابتة مدعومة باحتياط ذي ملاءة عالية ، وتضم خطا متناغما من الخدمات والبنى التحتية ، ومستشفيات متطورة ، وجامعات ، وطرقات واسعة ممتازة ، وجسور تربط أرخبيلها العجيب وتلم شمله بحنان ، وعلاقات متفوقة مع مختلف دول العالم ، وتحيا بسلام مع كل جيرانها. كان ثمة دور قيادي حاسم بالطبع للمغفور له سمو الشيخ عيسى باعتباره الاب الشرعي لعهد الدستور وقيام الدولة . وكان ثمة دور حاسم لجلالة الملك حمد بن عيسى باعتباره الاب الرائد لعهد الديمقراطية والتطوير والانفتاح السياسي ، وإلى جانب الأمير الراحل ، والمليك القائد ، كان ثمة دائما مؤازر وداعم قوي وحاسم وجوهري ، اخذ على عاتقه مسئولية إدارة شئون البلاد . لقد وصف سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء دائما في الاعلام الخارجي على انه رجل البحرين القوي الذي أسس مؤسساتها وعززها ، وعالج مشكلاتها بأسلوب صارم أحيانا ولكن حكيم. وهو حسب جميع الروايات رجل دولة بارع في شئون الحكم ، ومهني مصقول القدرات ، لا يمارس القيادة من الأمام ، بل من الوسط . وفي حالات معينة كان يترك موقعه إلى الأمام متصديا للمشكلات الحادة أو مدافعا عن هيبة الدولة واستتباب أمنها ودوام استقرارها . كان سموه دائما من ابرز القادة الذين يأخذون أتباعهم والعاملين معهم إلى ذرى جديدة عالية.. ذرى قد يعتقد الأتباع أنفسهم أنها بعيدة المنال، ولكن دور القادة التاريخيين هو ان يجعلوا من المستحيلات حقائق ، وان يقربوا الاهداف البعيدة المنال لشعوبهم . وهكذا كان سمو الشيخ خليفة بن سلمان : في قلب الشأن البحريني على الدوام ، وفي مقدمة كتيبة الانجازات الخلاقة ، وعامل التعزيز الأكثر ثباتا لوطنه وشعبه وقيادة بلده ..
كانت سنة 2007 سنة أخرى من سنوات الذروة في مسيرة سمو الشيخ خليفة بن سلمان ، في بدايتها حصد سموه الكثير من التكريم الجليل من قيادات دول جنوب شرق آسيا ، وفي النصف الثاني منها عمدته الامم المتحدة رجل الموئل للعام 2006 / 2007. قبل ذلك كان سجل التكريم الدولي والعالمي لخليفة بن سلمان حافلا كمسيرة سموه ، فمنذ عام 1958 حيث حصل سموه على وسام الرافدين العراقي ووسام الارز الأعلى من الدرجة الاولى اللبناني ، والعالم شرقه وغربه وجنوبه وشماله ، يحرص سنويا على تسجيل تبجيله لرجل الدولة الفذ . ثمة في سجل التميز السامي ، ايضا : وشاح القائد من الدرجة الأولى ، ووسام داينبرج من مملكة الدنمارك ، ووسام النهضة الاردني المرصع عالي الشأن ، الذي لا يمنح الا للملوك والرؤساء ، وقد منح لسموه استثناء واعترافا بمكانته العالمية ، ووسام القائد الأعلى ، من مملكة ماليزيا ، اضافة لدرجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ، والزمالة الفخرية للكلية الملكية للجراحين الايرلنديين ، والدكتوراة الفخرية من جامعة انديرا غاندي بالهند ، وهناك ايضا وسام الفارس ذي الدرجة الأعلى من مملكة تايلاند ، ووسام جوقة الشرق الرفيع من رئيس جمهورية فرنسا ، ووسام الحملة الكبرى للوسام العلوي من جلالة الملك محمد السادس ملك المغرب .. انها الآفاق العالمية والدولية التي امتدت اليها سمعة رجل الدولة الكبير ، والتي شكلت الجناح الثاني لمكانة سمو الشيخ خليفة بن سلمان ، المحلقة في قلوبنا بجناحين : عالمي ودولي كرسته الجوائز والاوسمة والنياشين والتقارير العالمية ، وجناح محلي منسوج بالمحبة الشعبية والتقدير والاجلال الوطني من كل فرد واسرة وعشيرة ومدينة وقرية بحرينية ..
* * * * * * * * * *
خليفة بن سلمان : عصر بأكمله مختزل في انسان ، عاش المجتمع البحريني وعبر عنه على مدى مسيرة ناهزت النصف قرن من الانجازات الكبرى ، وشغف بالبحرين واهلها فوجد ان لا طريقة اكثر نبلا في التعبير عن هذا الشغف من الانهماك في تفاصيل الشأن البحريني حتى اعماق اعماقه .. واخلص للبحرين فوجد فيها الفضاء الارحب ، والعشق الابقى ، والحيز القادر أبدا على الامتداد الى اقاصي الدنيا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق