" مما رواه ابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس , قال ازهد في الدنيا يحبك الله , وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس . "
لا أعرف خليفة أو سلطانا قال شعرا في مدح رجل من العامة سوى ما قاله الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور في العالم والمحدث المشهور عمرو بن عبيد : كلكم يدنو رويدا .. كلكم يطلب صيدا .. غير عمرو بن عبيد ..
وأنا شخصيا كلما قرأت هذه الابيات ، وهي متوفرة بكثرة في كتب التاريخ والادب العربي ، كلما تمثلت امامي شخصية خليفة الظهراني رئيس مجلس النواب ؛ ورجل الدولة الذي يستقطب احترامه اجماعا قد لا تحظى بمثيله اية شخصية سياسية بحرينية أخرى ..
إن التصرف بأسمى معيار ممكن لأي رجل سياسي قط ، من اللباقة والتواضع وإنكار الذات من اجل مراعاة شعور الآخرين ومقاربة قضايا الوطن بحكمة وحصافة ، هي صفات طبعت شخصية هذا النائب المخضرم ، والتشريعي العريق ، والسياسي الشعبوي ، الذي لا يختلف اثنان على أنه رجل دولة مرموق محليا وخليجيا وعربيا .. ولا يكاد احد يقترب من شخصية الظهراني ، إلا وانتهى الأمر به مسحورا بشخصية هذا الرجل الودود، والنائب المفعم بالسمو ، والسياسي المسكون بالكرامة ..
يتميز خليفة الظهراني بخط سياسي حصيف جدا . وربما هو الوحيد بين نواب الامة الذي حافظ على خطه هذا موسوما دائما بالرفق . الرفق الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه . ومشهديات الظهراني النيابية في غالبيتها ، تتحالف لاظهار هذا الخط المميز من العمل والسجايا والصفات والاهتمامات .. فهو يستخدم الرفق وسيلة لحل المعضلات السياسية ، ويستعين بالرفق لمعالجة المشكلات النيابية ، ويواجه خصومه ـ على قلتهم ـ بالرفق ، ويداعب النواب من على منصة رئاسة المجلس النيابي برفق ، ويعاتب بعضهم برفق ، ويوشح مطالباته النيابية بعباءة الرفق ، ويرفض برفق .. وربما كان التعامل الوحيد الذي لا يمارسه خليفة الظهراني بالرفق هو تعامله مع نفسه .. ومع صحته .
حدثني الصديق الدكتور عبدالرحمن بوعلي قبل ايام ، انه كان في زيارة لخليفة الظهراني ، للتباحث معه في مجموعة مسائل عامة ، فوجده مرهقا يكابر تعبه ، ومدنفا يتعالى فوق مرضه ، وضائقا يداري ضيقه من بعض احوال النواب ومناكفات بعضهم .. فقال له الدكتور عبدالرحمن باعتباره خبيرا في الصحة : أرفق بنفسك قليلا ، فلجسدك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا . فأجابه الشيخ الجليل : هذا عندما لا احمل ما احمل من مسئولية ؛ اما وانا احمل امانة هذا العمل ، فبعض الرفق في النفس يصبح تهاونا .. وهذا ما لا اريده لوطني ولا اقبله لنفسي .
والظهراني ، رجل دولة عجنت عريكته بمؤثرات متناقضة، وذات مفاهيم متعارضة أحيانا، إلا أن نقاء سريرته ورفعة نفسه، كانت تجعله يميل باتجاه المثل العليا ، ويختار الانحياز دائما إلى الجانب الذي فيه مصلحة الشعب ، من دون مساس بهيبة الدولة ، او تهاون بهيبة المجلس . هذا الالتزام بهذا الخط الدقيق والرفيق في نفس الوقت ، جلب للنائب الحصيف عقلا وقلبا وممارسة ، بعضا من عدم تفهم الآخرين احيانا ، وبعضا من قصور ادراكهم عن التطاول الى مقاصده ؛ فقيل عنه احيانا انه يراوح مكانه " على الاعراف " بين الجنة والنار ، ووصف بأنه يحافظ على التمسك بمكان " برزخي " ، بين بين .. غير ان المشهديات التي خاض فيها صراعا ضد الاستقطاب والتطرف ، كانت دائما تنتهي الى اعتراف الجميع بحصافة الرجل ، وبعد نظره ، وخبرته الجوهرية في عدم استخدام العصا محل الكلمة ، وعدم استخدام السيف محل العصا ، والترفع دائما عن الضغائن او الإحن التي تلوث أداء السياسي ، وتشظي ممارسة النائب ، وتشين موقف الرئيس العادل .. وهنا، أيضا، نمسك بحقيقة الاستثنائية في شخصية خليفة الظهراني النيابية ، فهو ليس مشدودا بطبعه، إلى الظهور في بؤرة الاحداث والسجالات التي تستتبع اضاءات إعلامية. وهو كنائب شعبوي تميز في كل الانتخابات النيابية التي خاضها بحصد الاصوات بجدارة ، انفرد بين مجايليه من النواب ، بزهده في الهالات الإعلامية والترويجية ، التي يراها معظم النواب لازمة لتأطير صورهم ..
واذا كان لا بد للسياسي البارع من دالـّة ، فللظهراني دالتين : الاولى دالته عند القيادة ، وعند النواب ورجال السياسة .. والثانية التي من باب ان الحكمة دالـّة المؤمن ، أنى وجدها فهو أحق بها ..
وسواء من موقع دوره نائبا مخضرما ، مارس النيابتين : النيابة في عهد الدولة ، والنيابة في عهد المملكة ، او من موقع عضويته الراتبة في مجالس الشورى السابقة ، فقد تميز الظهراني دائما ، بشخصية ثرة ، غنية ومعطاءة ، مشبعة بالوطن ، ومسكونة بمصلحة المواطن . وفي المجال الذي يلعب فيه الآن : رئيسا لمجلس النواب ، فمن العدالة التي لا تحتمل الجدل او السجال أن ينظر لخليفة الظهراني ، باعتباره الرجل الذي كمنت أفكاره وانجازاته واساليبه وراء إعادة إنتاج مقاييس محلية خاصة لأصولية العمل البرلماني . وكان دوره الحاسم في هذا المجال في انه وفـّر حسا أساسيا للاستمرارية في مجلسين غلبت عليهما المناكفة والمشاكسة ، وأرسى قواعد ما يمكن ان يوصف بالعمل النيابي الهادىء والرزين . وبفضل سياسة الحكمة التي حافظ عليها ، والتجانس الحميم الذي قربه من قلوب الجميع : تحت القبة ، او في قمة القيادة ؛ وما يحظى به من اجلال شعبي ، فان الظهراني سيبقى دعامة للديمقراطية البحرينية الرفيقة بالآخرين .. وغير الرفيقة بنفسها ..!
لا أعرف خليفة أو سلطانا قال شعرا في مدح رجل من العامة سوى ما قاله الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور في العالم والمحدث المشهور عمرو بن عبيد : كلكم يدنو رويدا .. كلكم يطلب صيدا .. غير عمرو بن عبيد ..
وأنا شخصيا كلما قرأت هذه الابيات ، وهي متوفرة بكثرة في كتب التاريخ والادب العربي ، كلما تمثلت امامي شخصية خليفة الظهراني رئيس مجلس النواب ؛ ورجل الدولة الذي يستقطب احترامه اجماعا قد لا تحظى بمثيله اية شخصية سياسية بحرينية أخرى ..
إن التصرف بأسمى معيار ممكن لأي رجل سياسي قط ، من اللباقة والتواضع وإنكار الذات من اجل مراعاة شعور الآخرين ومقاربة قضايا الوطن بحكمة وحصافة ، هي صفات طبعت شخصية هذا النائب المخضرم ، والتشريعي العريق ، والسياسي الشعبوي ، الذي لا يختلف اثنان على أنه رجل دولة مرموق محليا وخليجيا وعربيا .. ولا يكاد احد يقترب من شخصية الظهراني ، إلا وانتهى الأمر به مسحورا بشخصية هذا الرجل الودود، والنائب المفعم بالسمو ، والسياسي المسكون بالكرامة ..
يتميز خليفة الظهراني بخط سياسي حصيف جدا . وربما هو الوحيد بين نواب الامة الذي حافظ على خطه هذا موسوما دائما بالرفق . الرفق الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه . ومشهديات الظهراني النيابية في غالبيتها ، تتحالف لاظهار هذا الخط المميز من العمل والسجايا والصفات والاهتمامات .. فهو يستخدم الرفق وسيلة لحل المعضلات السياسية ، ويستعين بالرفق لمعالجة المشكلات النيابية ، ويواجه خصومه ـ على قلتهم ـ بالرفق ، ويداعب النواب من على منصة رئاسة المجلس النيابي برفق ، ويعاتب بعضهم برفق ، ويوشح مطالباته النيابية بعباءة الرفق ، ويرفض برفق .. وربما كان التعامل الوحيد الذي لا يمارسه خليفة الظهراني بالرفق هو تعامله مع نفسه .. ومع صحته .
حدثني الصديق الدكتور عبدالرحمن بوعلي قبل ايام ، انه كان في زيارة لخليفة الظهراني ، للتباحث معه في مجموعة مسائل عامة ، فوجده مرهقا يكابر تعبه ، ومدنفا يتعالى فوق مرضه ، وضائقا يداري ضيقه من بعض احوال النواب ومناكفات بعضهم .. فقال له الدكتور عبدالرحمن باعتباره خبيرا في الصحة : أرفق بنفسك قليلا ، فلجسدك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا . فأجابه الشيخ الجليل : هذا عندما لا احمل ما احمل من مسئولية ؛ اما وانا احمل امانة هذا العمل ، فبعض الرفق في النفس يصبح تهاونا .. وهذا ما لا اريده لوطني ولا اقبله لنفسي .
والظهراني ، رجل دولة عجنت عريكته بمؤثرات متناقضة، وذات مفاهيم متعارضة أحيانا، إلا أن نقاء سريرته ورفعة نفسه، كانت تجعله يميل باتجاه المثل العليا ، ويختار الانحياز دائما إلى الجانب الذي فيه مصلحة الشعب ، من دون مساس بهيبة الدولة ، او تهاون بهيبة المجلس . هذا الالتزام بهذا الخط الدقيق والرفيق في نفس الوقت ، جلب للنائب الحصيف عقلا وقلبا وممارسة ، بعضا من عدم تفهم الآخرين احيانا ، وبعضا من قصور ادراكهم عن التطاول الى مقاصده ؛ فقيل عنه احيانا انه يراوح مكانه " على الاعراف " بين الجنة والنار ، ووصف بأنه يحافظ على التمسك بمكان " برزخي " ، بين بين .. غير ان المشهديات التي خاض فيها صراعا ضد الاستقطاب والتطرف ، كانت دائما تنتهي الى اعتراف الجميع بحصافة الرجل ، وبعد نظره ، وخبرته الجوهرية في عدم استخدام العصا محل الكلمة ، وعدم استخدام السيف محل العصا ، والترفع دائما عن الضغائن او الإحن التي تلوث أداء السياسي ، وتشظي ممارسة النائب ، وتشين موقف الرئيس العادل .. وهنا، أيضا، نمسك بحقيقة الاستثنائية في شخصية خليفة الظهراني النيابية ، فهو ليس مشدودا بطبعه، إلى الظهور في بؤرة الاحداث والسجالات التي تستتبع اضاءات إعلامية. وهو كنائب شعبوي تميز في كل الانتخابات النيابية التي خاضها بحصد الاصوات بجدارة ، انفرد بين مجايليه من النواب ، بزهده في الهالات الإعلامية والترويجية ، التي يراها معظم النواب لازمة لتأطير صورهم ..
واذا كان لا بد للسياسي البارع من دالـّة ، فللظهراني دالتين : الاولى دالته عند القيادة ، وعند النواب ورجال السياسة .. والثانية التي من باب ان الحكمة دالـّة المؤمن ، أنى وجدها فهو أحق بها ..
وسواء من موقع دوره نائبا مخضرما ، مارس النيابتين : النيابة في عهد الدولة ، والنيابة في عهد المملكة ، او من موقع عضويته الراتبة في مجالس الشورى السابقة ، فقد تميز الظهراني دائما ، بشخصية ثرة ، غنية ومعطاءة ، مشبعة بالوطن ، ومسكونة بمصلحة المواطن . وفي المجال الذي يلعب فيه الآن : رئيسا لمجلس النواب ، فمن العدالة التي لا تحتمل الجدل او السجال أن ينظر لخليفة الظهراني ، باعتباره الرجل الذي كمنت أفكاره وانجازاته واساليبه وراء إعادة إنتاج مقاييس محلية خاصة لأصولية العمل البرلماني . وكان دوره الحاسم في هذا المجال في انه وفـّر حسا أساسيا للاستمرارية في مجلسين غلبت عليهما المناكفة والمشاكسة ، وأرسى قواعد ما يمكن ان يوصف بالعمل النيابي الهادىء والرزين . وبفضل سياسة الحكمة التي حافظ عليها ، والتجانس الحميم الذي قربه من قلوب الجميع : تحت القبة ، او في قمة القيادة ؛ وما يحظى به من اجلال شعبي ، فان الظهراني سيبقى دعامة للديمقراطية البحرينية الرفيقة بالآخرين .. وغير الرفيقة بنفسها ..!