الثلاثاء، 15 يوليو 2008

حكمة القائد التاريخي .. ورسائل رجل الدولة المسئول




ثمة لكل حديث صحفي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء ، رسائله وأهدافه وكلماته الخالدة وسطوره الواضحة وما بين سطوره .. وثمة لكل حديث لسموه دلالاته المرحلية واستشرافاته المستقبلية .. غير أن أحاديث سموه مع الصحفي والكاتب الكويتي احمد الجارالله ، دائما ما تحمل أكثر من رؤى الحاضر واستشرافات المستقبل ، فهي تحتفظ غالبا بنكهة التاريخ ، وتحرص على الغوص إلى بعض الملامح الشخصية ، وتبدو أقل رسمية ، وأكثر حميمية ..

وفي الحديث الصحفي الشامل والهام، الذي نشرته صحيفة "السياسة" الكويتية بالتزامن مع الصحف البحرينية، ذهبت رسائل سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ، إلى مقاصد عدة ، وتحركت إلى أعماق المتن السياسي العام محليا وإقليميا ، وقاربت تاريخا مجيدا ومضيئا لمدارج النهضة البحرينية التي كرست من سموه عميدا لها ، وكرس منها سموه ذخرا متناميا ومكتسبا بحرينيا خالدا..

فمن النتائج الخالدة لهذه النهضة ، أن البحرينيين اليوم لم يعودوا يريدون لبلدهم أن يكون نظيراً لأي بلد عربي آخر ، بل لعل العكس هـو الصحيح ، فالبحرين أصبحت القـدوة التي يتطلع إليها الأشقاء الآخرون ، فيستلهمون مشاريعها وبرامجها ، ويمتثلون لرؤاها ، ويعقدون فيها مؤتمراتهم ، ويمارسون فيها حرياتهم ، ويتحركون فيها بأمان.

وليس من قبيل الصدفـة أن تصبح البحرين اليوم موئلا لكثير من مؤتمرات الشراكة الإقليمية والعالمية ، وليس من قبيل الصدفة أن تحظى بكل هذه التقديرات العالمية في رشد الحكم ومتانة الاقتصاد وتنوعه وآفاقه ، وليس من قبيل القدر أن يكون لهذه المملكة الصغيرة المساحة والكبيرة الوزن ، هذا الدور الطلائعي في المستويين العربي والإقليمي .. فالمقارنة اليوم تعمل لصالح البحرين، فهي الدولة الأكثر حريـة وليبراليـة في المنطقة، والأكثر انفتاحا وتطـوراً اقتصادياً واجتماعياً، والأكثر أمناً واسـتقراراً، والأكثر ديناميكية وحركة وفعالية.

والبحرينيون اليوم ، فخورون بهذه المكانة وهذا الدور وهذه المكتسبات ، فخرهم بقيادتهم التاريخية منذ عهود الآباء المؤسسين ، إلى عهد عيسى بن سلمان أبي الدستور، إلى عهد حمد بن عيسى صانع البحرين الحديثة والعصرية ، إلى دور وانجازات خليفة بن سلمان رجل الدولة وعمود البيت .. الذي يختزل كل مسيرة الوفاء المتبادل بين القيادة والشعب حين يقول في حديثه الأخير: " لا يشغلنا اليوم، إلا أن نرد الفضل لهذا الشعب الذي صبر معنا، وكان مواكبا لمتطلبات قيادته.. وأمامنا الكثير من مشاريع التنمية التي نريد لجيلنا الحالي الذي صبر معنا أيام الحاجة أن يتمتع بها.. ونحن نعمل جاهدين للإسراع فيما يمكن أن يختصر زمن النمو وإسعاد الناس "

وحتى لا يكون العشب أكثر من الزرع والشوك أكثر من الثمر وحتى تبقى حقول النهضة خضراء مثمرة ومورقة وارفة الظل فان سموه يشدد على ضرورة التغيير والتطوير، وعدم الركون إلى السياسات الثابتة والجامدة، من اجل مواكبة التسارع العالمي والمنافسة الإقليمية.. فيقول سموه: " نحن ندرك أن الانفتاح واقتناص الفرص يحتاج إلى مرونة أكثر، واعتقد أننا أدركنا هذا، ولذا فإننا الآن ننحو منحا أكثر مرونة، وأكثر رغبة في إقرار ما تتطلبه مرحلة الانفتاح الاقتصادي، وما يستوجبه مسار اقتناص الفرص.. والحكومة اليوم أكثر مرونة، وهي توازن بين الانفتاح وبين حقيقة أن الفرص لا تنتظر قناصها.. وتوجيهاتنا للأجهزة الحكومية أن تحافظ دائما على الانسجام التام بينها وبين مؤسسات الدولة ، وان يكون أداؤها متسارعا وفق طموحات القيادة " ..

وفي التفاتة تقديرية عميقة إلى دور المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في استدامة النهضة وتسريع مسارها من خلال المناخات التي أفضى إليها هذا المشروع الوطني الكبير ، يجدد سموه القول بالركون إلى الخيار الديمقراطي ، وان لا تراجع عنه . مؤكدا سموه التفاف الشعب حول القيادة الحكيمة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، وواقع الشراكة الوطنية المستدامة ، في ظل مبادئ الفصل بين السلطات ، وسيادة سلطة الشعب . فيقول سموه : " نحن نؤمن بأن الشعب هو مصدر السلطة، ونمضي به ومعه دائماً نحو الأفضل لبلدنا، وحتى الآن لا نرى أن الديمقراطية معيقة لخططنا التنموية، وأعتقد انه في أجواء الحراك السياسي الشفاف سنوجد وعياً يقودنا دائماً إلى الأفضل، وهذه هي مرئيات صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي هندس هذا النظام، والذي هو مصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً.. بالحراك السياسي الشفاف والنقي وطنياً سنجد أنفسنا مستقبلا قد أضفنا خصوصياتنا وموروثاتنا إلى هذا النظام، وهو أمر سيقتنع به المواطن بنفس درجة قناعة الحاكم"..

وكعادة خليفة بن سلمان ؛رجل الدولة الوفي ، والزعيم الذي تسير الحكمة في ركابه ، يأبى سموه في هذا الحديث مع صحيفة "السياسة" الكويتية ، إلا أن يعطي لأصحاب الفضل فضلهم ، ولأصحاب المكرمات كرامتهم ، سواء كان هؤلاء داخل حدود المملكة أو خارجها ، وسواء كان ذلك في الإطار السياسي العام أو الإطار الشخصي ، أو ضمن مساحة العمل الوطني البحريني .. فيؤكد سموه تثمينه وتقديره للأشقاء الخليجيين دعمهم الموصول للبحرين : " نحن مازلنا شاكرين وندين بالفضل لإخواننا في السعودية والكويت ودول مجلس التعاون التي وقفت معنا، وهو أمر لا نفتأ نكرره ويكرره معنا شعب البحرين الوفي" .. وفي الأبعاد الأكثر حميمية .. أبعاد الالتزامات الذاتية لرجل الدولة الذي وصفه الكاتب احمد الجارالله بأنه " عاش مع مشكلات بلده.. أفراحه وأتراحه.. واجتاز بنفاذ بصيرته مع أشقائه في بيت الحكم البحريني سنوات كثيرة من المد والجزر في منطقة كانت عرضة لرياح أزمات عاتية ".. ومن جوهرية وحقيقة هذه العمادة التاريخية لسموه ، يوجه خليفة بن سلمان رسالته الأكثر وجدانية وشفافية إلى أبناء شعبه الوفي : " إنني أرد جميل الناس الذين طوقوني بمحبتهم، ولذا تجدني أتحرك ميدانياً بكثرة، وأجوب المجالس الشعبية المفتوحة وأعيش مع الشعب أفراحه وأتراحه.. فنحن نريد للناس أن يتمتعوا بخيرات بلدهم مثلما متعونا بصبرهم وحبهم.. "