الجمعة، 11 يوليو 2008

الشيخ خالد بن احمد آل خليفة : الوجه البشوش للدبلوماسية البحرينية





" ستعتاد أروقة الدبلوماسية العالمية والخليجية على الشيخ خالد بن احمد آل خليفة وزير خارجية البحرين ، بوجهه البشوش ، وابتسامته التي يحافظ دائما على ان تبدو كريمة متفائلة ومعطاءة . فهذا الرجل جاء الى عالم الدبلوماسية من قلب هذا العالم ، ولكنه يتميز بقدرته الساحرة على رفع منسوب الدفء في عالم الدبلوماسية البارد ، والذهاب الى ما بعد الألفة بينه وبين الناس بما يتعدى البروتوكول الذي يمثل في العادة كتاب وزارات الخارجية المقدس .."

هذا الكلام ليس لي ، وإنما للدكتور عبدالرحمن عبدالله بوعلي عضو مجلس الشورى السابق ، والعضو الحالي في الهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى لمجلس التعاون . واذا كنت اقتبسته هنا حرفيا ، فلأنه كان من ضمن حديث عام ، في مجلس حافل ، ضم عددا كبيرا من الوجهاء وكبار المسئولين والسفراء البحرينيين والعرب . وشخصيا لفتني جدا ان يكون موضوع الحديث في مجلس حافل : رجلا .. لا قضية (!) ووزيرا .. لا زعيما او رجل اعمال كبير (!) وان يكون ثمة اجماع عام من كل الموجودين في المجلس على امتداح الرجل .. الوزير .. المسئول ..!

انا شخصيا لم احضر مجلسا قط ، يتم فيه امتداح وزير . وهذه ليست معلومة جديدة فالمتن الثقافي في المجتمع البحريني والعربي بشكل عام ، نادرا ما يمتدح وزيرا بعيدا عن سمعه ، وغالبا ما تكون فاكهة المجالس هجاء الوزراء. الجديد في الامر ان يكون ثمة اجماع من رجالات لا يمكن التشكيك في رؤيتهم وحكمتهم ، على الثناء على وزير ..!

كان الدكتور عبدالرحمن بوعلي يتحدث عن لقاء جرى بين اعضاء الهيئة الاستشارية للمجلس الاعلى من الجانب البحريني بوزير الخارجية . وهو بالطبع لم يتحدث عن مجريات اللقاء وبنود الاجتماع ، ولكنه تحدث عن اجواء اللقاء ، التي تستحق من وجهة نظره ان يتم تسجيلها على شريط فيديو ، وان يعرض هذا الشريط على كافة المسئولين التنفيذيين في مجلس التعاون ، للتعرف على مستوى الدعم غير المحدود الذي تقدمه القيادة الحكيمة والدبلوماسية البحرينية تجاه مؤسسات مجلس التعاون ..

ويضيف الدكتور : " كانت التوصيات غير المكتوبة للهيئة الاستشارية ، في آخر اجتماع لنا ، تنصح الاعضاء في كل بلد خليجي بان يقوموا بدور " اللوبي " من اجل اقناع وزراء خارجية بلدانهم بتبني اقتراح يعمل على تنشيط وزيادة فاعلية الهيئة الاستشارية . ولكننا فوجئنا ـ والحديث ما زال للدكتور بوعلي ـ بأن الحماس الذي ابداه الشيخ خالد بن احمد آل خليفة ، تعدى مطالبنا ، التي كنا نخطط لعرضها عليه بشيء من الحذر .. والكثير من الدبلوماسية " ..!

" المفارقة اننا كنا دبلوماسيين اكثر من وزير الدبلوماسية " .. يقول الدكتور بوعلي ، ويضيف : كان لدى الوزير من الطاقة الايجابية ما يكفي لتوزيعها على جميع اعضاء الوفد . وكان لديه من الحماس المباشر ، ما جعله يتعدى مطالبنا الى الوعد بدعم غير محدود ، مؤكدا انه لا يبادر الى ذلك باجتهاد شخصي ، بل ان توجيهات جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد ، تؤكد دائما على اولوية كل ما من شأنه ان يرفع من سوية العمل الخليجي ، وعلى ان دعم عمل مجلس التعاون ليس مجرد قرار استراتيجي او دبلوماسي ، بل هو قرار سيادي ، ورغبة ملكية سامية ، لا يمكن التساهل في تنفيذها او التراخي في تفعيلها ، تحت اي ظرف كان ..

لقد قيل عن الشيخ خالد بن احمد آل خليفة عندما تسلم حقيبة الخارجية من عميد الدبلوماسية البحرينية والعربية بلا منازع الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس الوزراء ، ان عمله ربما سيكون اصعب عمل لوزير خارجية عربي . فليس من السهل على دبلوماسي شاب جاء الى الدبلوماسية من عالم التكنوقراط ، ان يجد نفسه بين ليلة وضحاها في المقعد الذي شغله عميد الدبلوماسية العربية على مدى 40 عاما .. غير أن ما وصل اليه الشيخ خالد بن أحمد خلال فترة قصيرة من عمله وزيرا للخارجية ، اثبت ان البحرين ستبقى ولادة ، وان الاجواء التي نشأ وزير الخارجية الشاب في كنفها ( قريبا من سمو ولي العهد اولا ، ثم قريبا من عقل الشيخ محمد بن مبارك ثانيا ) ، ساهمت بالتأكيد في صناعة وجه جديد واعد للدبلوماسية البحرينية ، ونجم آخر في سماء الدبلوماسية العربية ..

هو سليل عائلة عريقة في العمل العام ، ومثقف رفيع اختبر العمل الى جانب سمو ولي العهد ، فأدرك منذ ذلك الوقت اهمية ان يعمل بشغف على تشكيل شخصيته ، بحيث تستجيب لدوره القدري المنظور ، فهيأ نفسه لمتطلبات هذا الدور، والقيام بما تمليه عليه واجباته ومواقعه لبلده وقيادته ، وعندما عمل سفيرا في المملكة المتحدة وسفيرا غير مقيم في عدد من الدول المحيطة بها ، كان يعتبر السفير الوحيد الذي يتعدى دوره السياسي واجبه الدبلوماسي ، فخاض السياسة بجدارة ومارس الدبلوماسية برفعة ، وكان في كل ذلك غير تقليدي ، بل مبتكرا ، ومبادرا ، وغيورا من طراز رفيع على سمعة بلده ومصالحها ..

كان الشيخ خالد بن احمد آل خليفة وزير الخارجية موضوعا لجلسة طويلة في مجلس حافل ، وهاهو صار موضوعا لمقالة متواضعة في صحيفة سيارة .. وبسجاياه التي عرفتها شخصيا واجمع عليها رواد المجلس فلا شك انه سيكون قريبا جدا ، سيد الاروقة الدبلوماسية العربية .. تماما كما كان " المعلم " الشيخ محمد بن مبارك ..

ليست هناك تعليقات: