الخميس، 17 يوليو 2008

خالد كانو .. نبيلا.. وركيزة أساسية في مجتمع الاقتصاد الخليجي



عندما يتحدث صديقنا الدكتور عبد الرحمن بوعلي عن خالد كانو ، يشير إليه غالبا بأنه : نبيل وأبو نبيل .. والعبارة على الرغم مما فيها من المداعبة الإخوانية ، إلا أنها تحمل دلالة عن السجية الأكثر بروزا بين مصفوفة السجايا الرفيعة التي يتمتع بها الوجيه خالد كانو الذي اختارته مجلة التايمز اللندنية ضمن قائمة الـ 25 شخصية المؤثرة في مستقبل منطقة الخليج . وقبل أيام كنت في جلسة ضمت إضافة إلى الدكتور عبد الرحمن بوعلي كلا من السفير كريم الشكر وعبد الجليل الأنصاري ، وكان خالد كانو ، موضوعا رئيسا من موضوعات أحاديث الرجال الثلاثة ، الذين اجمعوا على حقيقة أنهم لو أرادوا انتقاء مفتاحا فطريا مصقولا بجهد ذاتي لشخصية خالد كانو ، لاختاروا النبل صفة جوهرية خالصة للرجل الذي بقدر ما تتعدد سجاياه فإنها تبدو وكأنما تتكامل وفق معادلة دقيقة جدا ، لا تنافر فيها ..

يتميز خالد كانو , بأنه شخصية ودودة , مفعم بالسمو والكرامة , ويبدو في سلام مع نفسه ومع الأشياء من حوله على الرغم مما يتيحه له منصبه في قمة إمبراطورية مالية ضخمة من قوة طاغية .. إنه احد أبرز أقطاب عالم المال والأعمال في المنطقة, ومع أنه غير مولع بالاضاءات الساطعة, إلا انه يعمل دائما على تخليق أجيال من الأعمال والمشاريع الكثيرة السطوع في سماء المال والاقتصاد والفكر والإبداع والاجتماع والإعلام والسياحة وتأسيس الكيانات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة. ويمكن القول بجدارة أن إحساس الرجل بما يراه واجبا ومسئولية اجتماعية, كان صادقا دائما ونابعا من القلب ومفعما بالإرادة والعمل الجاد.. وثمة أكثر من دليل على ذلك، برزت إبان قيادته لسفينة غرفة التجارة والصناعة البحرينية منذ العام 2001، ومن خلال تأسيسه لبنك الإجارة، وغيره من سلسلة الأعمال والكيانات الاقتصادية الموجهة أولا لخدمة المجتمع، والتي كان آخرها الجمعية البحرينية للشركات العائلية. وهي الجمعية التي تمثل نتاجا عمليا صافيا للأفكار التي طالما عبر عنها خالد كانو بخصوص تعزيز الشركات العائلية واستشراف مستقبلها ودورها على خارطة الاقتصاد الإقليمي والعالمي ، إزاء ما تفرضه العولمة من تحديات مالية وإدارية وتسويقية وقانونية على الاقتصادات الخليجية التي يتكون 95 % منها تقريبا من شركات عائلية .

في هذا المساق ، تبدو أفكار خالد كانو شأنها شأن أفكاره الاستشرافية في مختلف المجالات التي يتصدى لها الرجل بشخصيته القيادية الراعية ، فهو يعد بالتحول إلى جمعية خليجية تعني بشؤون وأوضاع الشركات العائلية على مستوى المنطقة . وهو يقول إن الشركات العائلية تشكل الركيزة الأساسية في اقتصادات المنطقة، ما يجعل تأسيس إطار خليجي يجمع المعنيين في هذه الشركات أمرا حتميا إذا ما أردنا لهذه الشركات البقاء والنمو والازدهار في مواجهة التحديات العولمية القادمة ..

معروف عن خالد كانو انه قليل الكلام, ومتحفظ, ولكنه شديد الاعتزاز بثقافته وطاقاته الفكرية والانجازية العالية. أما الذين اقتربوا منه, وهو يشارك في قيادة واحدة من اكبر الإمبراطوريات المالية في المنطقة, أو يقود سفينة أسرة التجارة البحرينية ، فيصفون شخصا ديناميكيا إلى الحد المثير للدهشة؛ وإداريا لامعا, وطموحا جدا ولكن نزيه إلى حد اقتران صفة النزاهة الفطرية عنده بالنبل المصقول بعناية وتوق شديدين.

وكما كان "ويسلر" هو أول من نظر إلى وجود "دائرة ثقافية" تقوم عليها حضارة المجتمع , فان خالد كانو, ربما يكون من ابرز رجال الأعمال العرب الذين أرسوا "دائرة ثقافية اجتماعية" تقوم عليها سياسته وانجازاته الاقتصادية . فخريج إدارة الأعمال , وبطل الكريكيت وكرة القدم وسباقات الماراثون الذي يصفه بعض مجايليه في صيدا ونوتنغهام والولايات المتحدة, بأنه كان شغوفا بالبحث , وتشكيل ثقافة مرموقة رفيعة , استطاع أن يكوّن نموذجه الخاص لمفهوم رجل الأعمال الموسوعي ، ورجل المال الشديد العناية بتوثيق التاريخ والمحافظة على الموروث الأصيل. ولعله منطلقا من هذه السجية انهمك لفترة طويلة في إصدار كتابين من أهم الكتب التي تؤرخ لمجتمع الاقتصاد البحريني ، واحد عن بيت كانو ، والثاني عن بيت التجار البحرينيين.. غير أن نموذج خالد كانو بين رجال الأعمال والإداريين الكبار, لم يتأسس في الواقع على هذه الخاصية فحسب. فثمة إجماع بين مختلف النخب البحرينية والخليجية , على أن ملكات الرجل كقائد اجتماعي , وصاحب مسئولية وطنية تواقة دائما لاجتراح المزيد في خدمة وطنه وبلده ومجتمعه ، تبرز على نحو رفيع , في تصديه الطموح للمهمات الجديدة . أما المهمة القادمة للرجل فهي جمع الشركات العائلية الخليجية في بوتقة تعاونية كبرى تقبس ارثها من وحدة المنطقة جغرافيا وتاريخيا واشتراكها في تحديات واحدة ومستقبل واحد .. وَوَصْفَتُه للنجاح بسيطة للغاية، ولكنها من السهل الممتنع:" 95 بالمائة من التعب والجهد و5 بالمائة من الحظ ".. أما ما نتمناه للرجل في طموحه فمائة بالمئة من الحظ .. والتوفيق..